ندى فضل.. اللاجئة التي ترعى اللاجئين السودانيين
ندى فضل.. اللاجئة التي ترعى اللاجئين السودانيين
وصلت الشابة السودانية ندى فضل إلى مدينة الإسكندرية على شاطئ على البحر المتوسط عام 2015، لم يكن السودان قد مزّقته الحرب بعد، ولم يتوقع أيٌّ من مواطنيه أن ينتهي بهم الأمر لاجئين في دول الجوار، أو مواجهة أهوال الحرب، التي خلفت وراءها مئات الآلاف من الضحايا.
في بلد جديد في واقع صعب، ماذا ستفعل شابة سودانية بمفردها؟ لم تنجح في الحصول على وظيفة، وليست قادرة على استكمال دراستها، ليس أمامها إلّا الجلوس والانتظار أو البحث عن حل آخر بالتأكيد لا بد أن يكون غير تقليدي.
فكّرت ندى وخطرت لها الفكرة، لماذا لا تستغل موهبتها في التدريس للأطفال؟ خاصة الذين يعانون مثلها من محنة الغُربة عن الوطن
«الأطفال اللاجئين»
بدأت الشابة السودانية، ولم تشعر أبدًا بالسأم من أسئلة الأطفال، ولم تضق بمدى قبولهم لما تعلّمهم أبدًا، ولفتت تلك التجربة عين ندى إلى واقع اللاجئين، وبالقطع إلى حاجتهم للدعم المستمر، لتقرر التعاون مع لاجئين شباب آخرين لبدء «مبادرة روح» كوسيلة لحشد المزيد من الدعم للاجئين.
منزل صغير يضم 3 غرف تحوّل بفضل ندى وأصدقائها إلى مركز دعم متعدد الأغراض للاجئين في عروس البحر المتوسط، عند تأسيسها المركز لم تكن تعلم ندى أن أبناء وطنها سيصبحون الأكثر استفادة من مبادرتها، وما إن اشتعلت الحرب في السودان حتى تدفق إلى المدينة آلاف السودانيين، الذين فروا من واقع الحرب الصعب.
تفاعلت ندى مع الحرب منذ البداية، فنقلت جهودها إلى مدينة أسوان الحدودية لاستقبال الهاربين من الحرب، وبدأت بجمع التبرعات لشراء المواد الغذائية، وتسليمها لأبناء بلدها فور وصولهم إلى الحدود المصرية السودانية.
كانت ندى من بين الذين تركت فيهم حرب السودان محنة شخصية، فبينما جاءت والدتها واثنان من أشقائها إلى مصر لدواعٍ مرضية قبل اندلاع الحرب، فقدت العديد من أفراد أسرتها، الذين علقوا في الحرب هناك ومنهم شقيقتها الكبرى ووالدها، وألهمتها محنتها الشخصية إنشاء منصة للدردشة الجماعية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» للمراسلة من أجل التواصل مع أشخاص آخرين يبحثون عن ذويهم.
يعمل مركز «مبادرة روح» الذي تديره ندى على التمكين الاقتصادي، خاصة للمرأة، وتوفير فرص عمل للشباب، والرعاية الصحية، خاصة للمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة، كما يتحمل تكاليف إجراء العمليات الجراحية العاجلة.
فازت الشابة السودانية بجائزة «نانسن للاجئ» لعام 2024 عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي الجائزة التي تأسست عام 1954 للأشخاص والمجموعات والمنظمات التي تتفانى في عملها الموجه لحماية اللاجئين والنازحين داخليًا والأشخاص عديمي الجنسية.
بعد إعلان فوزها بالجائزة، علّقت ندى قائلة: «أصابتني الدهشة وأردت الصراخ... لذا ركضت إلى الشارع لأجد ركناً فيه وأصرخ، ثم عُدت وكأن شيئاً لم يحدث، أنا سعيدة للغاية بفوزي بهذه الجائزة، لا يمكنني حتى وصف مقدار السعادة التي أشعر بها الآن».
كشفت ندى عن سبب اختيار اسم مركزها «مبادرة روح» قائلة: «اخترنا اسم روح لأنه يبعث على الطمأنينة لأول وهلة، فمن يسمع الاسم يطرق باب المبادرة بغض النظر عن جنسيته سواء كان سودانياً أو سورياً أو يمنياً، مهما كانت جنسيته، فالمبادرة تستوعب الجميع.. الجائزة لكل اللاجئين على مستوى العالم، وهي رسالة للعالم بأنه ما زالت هناك فسحة من الأمل بأن اللاجئين يمكنهم أن يكونوا مؤثرين في المجتمع المحيط».